moshkela
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

moshkela


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الامل القادم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ramy
مشرف عام
مشرف عام
ramy


المساهمات : 182
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

الامل القادم Empty
مُساهمةموضوع: الامل القادم   الامل القادم Icon_minitimeالأربعاء مارس 19, 2008 6:37 am

... كان اليوم مرهقاً للغايه.. فبالإضافة إلى الصّداع الذي غزى رأسي في وقتٍ مبكّرٍ من هذا اليوم.. والذي كان يتفاقم مع كلّ حركه.. هناك الطّقس الرّديء في الخارج .. فأشعّة الشّمس تتوهّج لتكوي الوجوه والأبدان بحرارتها.. وكلّما حاول أحدهم أن يستنشق شيئاً من الهواء.. فوجئ بالدّخان السّاخن يلفح وجهه.. فيضيف سقماً إلى السّقم الذي يعتريه.. فيحني ذلك المسكين رأسه بعد أن شحب محيّاه من كلّ شيءٍ حوله..

كان هذا قطرة في بحرٍ من الفوضى.. التي يشعر المرء بأنّه لا يعيش على الأرض.. بل في غرفةٍ صغيرةٍ تعجّ بالبشر .. مغلقة النّوافذ.. والدّخان يكاد يخنق كلّ من فيها .

تنهّدت بيأسٍ وأنا أتلمّس رأسي.. علّني أشعر بوجوده.. وحاولت الهرب إلى زاويةٍ هادئةٍ ومريحه.. أحاول فيها استرجاع حالتي الطّبيعيّه.. سرت مترنّحةً حتى وصلت إلى كرسيّ كان في طريقي.. فتهالكت عليه حتى لا أنهار على الأرض.. أرجعت رأسي مغمضةً عينيّ.. فلم أشعر إلاّ وسلطان النّوم قد سيطر على كلّ حواسّي ليخدّرها.. فاستسلمت له لعدم امتلاكي القدرة على مقاومته..

بعد مضيّ وقتٍ قصير.. فتحت عينيّ فجأه.. لأشعر بالهدوء يلفّ كلّ شيءٍ حولي.. كان الهواء عليلاً.. يلطّف من الحرّ الذي هيمن على الكون..

وقفت وأنا أشعر بالرّاحة التي خلّفها النّوم في كياني... اقتربت من النّافذة وفتحتها.. ليطالعني منظرٌ خلاب.. قد لا يكون من صنع الطّبيعه.. إلاّ أنّه بدا مبهجاً... فالشّمس كانت تتقلّص في الأفق جاعلةً السّماء تصطبغ بلونٍ أحمر قان.. وأشعّتها تنعكس على البنايات البلّوريّة التي كانت رؤوسها شامخةً تلامس أطراف السّماء.. والحيّ الذي كان منذ لحظاتٍ أشبه بساحة معركه.. قد تحوّل الآن مرتعاً لمختلف أنواع الطّيور التي تحطّ بكلّ راحةٍ واطمئنان ..

شعرت بالسّكينة ترفرف بأجنحتها على روحي.. وبأنّ كلّ ما شعرت به من ضيقٍ وألمٍ قد تبخّر الآن.. وحلّ مكان العبوس.. ابتسامةٌ مضيئةٌ تترامى أطرافها على محيّاي .

طار سرب حمامٍ أبيض أمامي.. وحلّق بأجنحته النّاعمة في السّماء.. فشعرت بأنني فردٌ من أفراد ذلك السّرب الذي كان وكأنّه يمتلك هذا الكون.. فهو يستطيع أن يذهب أينما شاء.. يرى العالم من تحته وكأنّه يسيطر عليه..

وبينما أنا في تأمّلاتي الهانئه.. دقّ الباب فجأه.. فقطع عليّ هناء تلك اللحظات النّادره.. سرت على مضضٍ لأفتحه... وفوجئت لما رأته عيناي...

كانت امرأةً رائعة الجمال.. ترتدي ثوباً أبيض طبعها بلمسةٍ ملائكيّةٍ هادئه.. كانت غريبةً عنّي كليّاً .. غير أنّ ابتسامتها العذبة الصّافيه.. جعلتني أرحّب بها وكأنّها صديقةً أعرفها منذ أمدٍ بعيد.. تقدّمت إلى الدّاخل.. وكانت بخطواتها الهادئه.. لا تكاد تلامس الأرض..

أخذت أراقبها بانبهار.. وأنا أتساءل.. هل ما أراه حقيقةً أم أنني مازلت نائمةً أحلم ؟!.. لأنّها بشفافيتها بدت لي كائناً من عالمٍ آخر.. جلست بقربها وأنا في خشيةٍ منها.. فاتّسعت ابتسامتها وقالت بصوتٍ بدى وكأنّه قادمٌ من أعماق البحر..

" لا تخافي.. فأنا لن أقدم على شيءٍ قد يمسّك بسوء.. ثقي بي.. إنني بكلّ بساطةٍ أمثّل المستقبل.. أملك ياصغيرتي.. كنت أراقبك من بين الغيوم المتناثره.. فوجدت أنّها أنسب فرصةٍ لي لأتقدّم دون خوف ."

شعرت برهبتي تتزايد.. وظننت بأنّ الشّمس قد تكون أثّرت على رأسي.. لكنّها أخذت تردّد..

" أنتِ لا تصدّقين ما أقوله.. لكنّك ستعلمين فيما بعد ."

ابتسمت وقلت لها بتهكّم :

" أهذا نوعٌ من التّنجيم ؟!!"

توتّرت نظراتها وقالت :

" يجب عليك تصديقي.. فأنا لا أحاول الكذب أبداً.. ولا يتوجّب عليك التّشكيك بكلّ شيء.. فأنا حقيقة موجودة لكلّ من يريدها !"

نظرت إليها باستغراب.. وتساءلت عن الذي تريده هذه المرأة العجيبة منّي.. قلت لها بعد صمتٍ قصير :

" أنا لا أستطيع تصديقك.. لكن أتعلمين ؟.. إنّه شيءٌ رائعٌ أن يرى المرء مستقبله أمامه.. وخصوصاً إذا كان بهذه الرّوعه !!"

ابتسمت بهدوءٍ وقالت :

" أنتِ تصدّقين بأنني مستقبلك .. إذاً أنا متأكّدة بأنّك ستبحثين عنّي .. وستنتظرين قدومي بفارغ الصّبر ."

بعدها أخذت تتلاشى من أمامي.. فصرخت قائله :

" لا !.. لا ترحلي الآن .. هناك أشياء كثيرة أودّ أن أعرفها !!"

لكنني فتحت عيناي فجأه.. لأجد نفسي أنني ما أزال على الكرسيّ الذي غفوت عليه.. وأدركت بأنني كنت أحلم ..

وابتسمت.. لأنني أدركت ما رسالة تلك المرأة الغامضه.. كانت تحاول إخباري بشكلٍ غير مباشر..

أنّ مناظر الألم والعذاب.. قد تخلّف وراءها نبتةً ضعيفه.. لكن بالإرادة والجهد.. نستطيع ترسيخ جذورها .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الامل القادم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
moshkela :: الثقافه والادب :: منتدى القصص والحكايات-
انتقل الى: